يقول تعالى ذكره: وقلنا لعيسى: يا أيها الرسل كلوا من الحلال الذي طيبه الله لكم دون الحرام، واعملوا صالحا تقول في الكلام للرجل الواحد: أيها القوم كفوا عنا أذاكم، وكما قال: الذين قال لهم الناس، وهو رجل واحد.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني ابن عبد الأعلى بن واصل، قال: ثني عبيد بن إسحاق الضبي العطار، عن حفص بن عمر الفزاري، عن أبي إسحاق السبيعي، عن عمرو بن شرحبيل:
يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا قال: كان عيسى ابن مريم يأكل من غزل أمه.
وقوله: إني بما تعملون عليم يقول: إني بأعمالكم ذو علم، لا يخفى علي منها شئ، وأنا مجازيكم بجميعها، وموفيكم أجوركم وثوابكم عليها، فخذوا في صالحات الأعمال واجتهدوا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون) *.
اختلفت القراء في قراءة قوله: وإن هذه أمتكم أمة واحدة، فقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة والبصرة: وأن بالفتح، بمعنى: إني بما تعملون عليم، وأن هذه أمتكم أمة واحدة. فعلى هذا التأويل أن في موضع خفض، عطف بها على ما من قوله: بما تعملون، وقد يحتمل أن تكون في موضع نصب إذا قرئ ذلك كذلك، ويكون معنى الكلام حينئذ: واعلموا أن هذه، ويكون نصبها بفعل مضمر وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين بالكسر: وإن هذه على الاستئناف. والكسر في ذلك عندي على الابتداء هو الصواب، لان الخبر من الله عن قيله لعيسى: يا أيها الرسل مبتدأ، فقوله: وإن هذه مردود عليه عطفا به عليه فكان معنى الكلام: وقلنا لعيسى: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات، وقلنا:
وإن هذه أمتكم أمة واحدة وقيل: إن الأمة الذي في هذا الموضع: الدين والملة. ذكر من قال ذلك: