يقول تعالى ذكره: أم تسأل هؤلاء المشركين يا محمد من قومك خراجا، يعني أجرا على ما جئتهم به من عند الله من النصيحة والحق فخراج ربك خير: فأجر ربك على نفاذك لامره، وابتغاء مرضاته خير لك من ذلك، ولم يسألهم (ص) على ما أتاهم به من عند الله أجرا، قال لهم كما قال الله له، وأمره بقيله لهم: قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى وإنما معنى الكلام: أم تسألهم على ما جئتهم به أجرا، فنكصوا على أعقابهم إذا تلوته عليهم، مستكبرين بالحرم، فخراج ربك خير.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن: أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير قال: أجرا.
حدثنا الحسن، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر عن الحسن، مثله.
وأصل الخراج والخرج: مصدران لا يجمعان.] وقوله: وهو خير الرازقين يقول: والله خير من أعطى عوضا على عمل ورزق رزقا.) وقوله: وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم يقول تعالى ذكره: وإنك يا محمد لتدعو هؤلاء المشركين من قومك إلى دين الاسلام، وهو الطريق القاصد والصراط المستقيم الذي لا اعوجاج فيه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ئ ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون) *.
يقول تعالى ذكره: الذين لا يصدقون بالبعث بعد الممات، وقيام الساعة، ومجازاة الله عباده في الدار الآخرة عن الصراط لناكبون يقول: عن محجة الحق وقصد السبيل، وذلك دين الله الذي ارتضاه لعباده لعادلون، يقال منه: قد نكب فلان عن كذا: إذا عدل عنه، ونكب عنه: أي عدل عنه.