وقال جماعة من أهل التأويل: هذه الآية مستثناة من قوله: لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم ثم نسخ واستثنى فقال: ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، عن الحسين، عن يزيد، عن عكرمة: حتى تستأنسوا... الآية، فنسخ من ذلك، واستثني فقال: ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم. وليس في قوله: ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم دلالة على أنه استثناء من قوله: لا تدخلوا بيوتكم حتى تستأنسوا لان قوله: لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها حكم من الله في البيوت التي لها سكان وأرباب. وقوله: ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم حكم منه في البيوت التي لا سكان لها ولا أرباب معروفون، فكل واحد من الحكمين حكم في معنى غير معنى الآخر، وإنما يستثنى الشئ من الشئ إذا كان من جنسه أو نوعه في الفعل أو النفس، فأما إذا لم يكن كذلك فلا معنى لاستثنائه منه. وقوله: والله يعلم ما تبدون يقول تعالى ذكره: والله يعلم ما تظهرون أيها الناس بألسنتكم من الاستئذان إذا استأذنتم على أهل البيوت المسكونة، وما تكتمون يقول: وما تضمرونه في صدوركم عند فعلكم ذلك ما الذي تقصدون به: إطاعة الله والانتهاء إلى أمره، أم غير ذلك؟ القول في تأويل قوله تعالى:
* (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): قل للمؤمنين بالله وبك يا محمد يغضوا من أبصارهم يقول: يكفوا من نظرهم إلى ما يشتهون النظر إليه مما قد نهاهم الله عن النظر إليه. ويحفظوا فروجهم أن يراها من لا يحل له رؤيتها، بلبس ما يسترها عن أبصارهم.
ذلك أزكى لهم يقول: فإن غضها من النظر عما لا يحل النظر إليه وحفظ الفرج عن أن