حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، قال: ثني عبد القدوس، عن الحسن، في قوله: وجعلنا بعضكم لبعض فتنة... الآية، يقول هذا الأعمى: لو شاء الله لجعلني بصيرا مثل فلان، ويقول هذا الفقير: لو شاء الله لجعلني غنيا مثل فلان، ويقول هذا السقيم: لو شاء الله لجعلني صحيحا مثل فلان.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، في قوله: وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون قال: يمسك عن هذا ويوسع على هذا، فيقول: لم يعطني مثل ما أعطى فلانا، ويبتلي بالوجع كذلك، فيقول: لم يجعلني ربي صحيحا مثل فلان في أشباه ذلك من البلاء، ليعلم من يصبر ممن يجزع.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني ابن إسحاق، قال: ثني محمد بن أبي محمد، فيما يروي الطبري، عن عكرمة، أو عن سعيد، عن ابن عباس، قال: وأنزل عليه في ذلك من قولهم: ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق... الآية: وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون أي جعلت بعضكم لبعض بلاء، لتصبروا على ما تسمعون منهم، وترون من خلافهم، وتتبعوا الهدى بغير أن أعطيهم عليه الدنيا ولو شئت أن أجعل الدنيا مع رسلي فلا يخالفون لفعلت، ولكني قد أردت أن أبتلي العباد بكم وأبتليكم بهم.
وقوله: وكان ربك بصيرا يقول: وربك يا محمد بصير بمن يجزع ومن يصبر على ما امتحن به من المحن. كما:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج:
وكان ربك بصيرا إن ربك لبصير بمن يجزع ومن يصبر.
(تم الجزء الثامن عشر من تفسير الإمام محمد بن جرير الطبري ويليه الجزء التاسع عشر وأوله: القول في تأويل قوله تعالى (وقال الذين لا يرجون)...