وكانوا قوما عالين قال: علوا على رسلهم وعصوا ربهم ذلك علوهم. وقرأ: تلك الدار الآخرة... الآية. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون ئ فكذبوهما فكانوا من المهلكين) *.
يقول تعالى ذكره: فقال فرعون وملؤه: أنؤمن لبشرين مثلنا فنتبعهما وقومهما من بني إسرائيل لنا عابدون يعنون أنهم لهم مطيعون متذللون، يأتمرون لأمرهم ويدينون لهم. والعرب تسمي كل من دان الملك عابدا له، ومن ذلك قيل لأهل الحيرة:
العباد، لأنهم كانوا أهل طاعة لملوك العجم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: قال فرعون:
أنؤمن لبشرين مثلنا... الآية، نذهب نرفعهم فوقنا، ونكون تحتهم، ونحن اليوم فوقهم وهم تحتنا، كيف نصنع ذلك؟ وذلك حين أتوهم بالرسالة. وقرأ: وتكون لكما الكبرياء في الأرض قال: العلو في الأرض.
وقوله: فكذبوهما فكانوا من المهلكين يقول: فكذب فرعون وملؤه موسى وهارون، فكانوا ممن أهلكهم الله كما أهلك من قبلهم من الأمم بتكذيبها رسلها. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون ئ وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين) *.
يقول تعالى ذكره: ولقد آتينا موسى التوراة، ليهتدي بها قومه من بني إسرائيل، ويعلموا بما فيها. وجعلنا ابن مريم وأمه يقول: وجعلنا ابن مريم وأمه حجة لنا على من كان بينهم، وعلى قدرتنا على إنشاء الأجسام من غير أصل، كما أنشأنا خلق عيسى من غير أب. كما: