لعمل الكافر، يقول: يحسب أنه في شئ كما يحسب هذا السراب ماء. حتى إذا جاءه لم يجده شيئا، وكذلك الكافر إذا مات لم يجد عمله شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
والذين كفروا... إلى قوله: ووجد الله عنده قال: هذا مثل ضربه الله للذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة قد رأى السراب، ووثق بنفسه أنه ماء، فلما جاءه لم يجده شيئا.
قال: وهؤلاء ظنوا أن أعمالهم صالحة، وأنهم سيرجعون منها إلى خير، فلم يرجعوا منها إلا كما رجع صاحب السراب فهذا مثل ضربه الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) *.
وهذا مثل آخر ضربه الله لأعمال الكفار، يقول تعالى ذكره: ومثل أعمال هؤلاء الكفار في أنها عملت على خطأ وفساد وضلالة وحيرة من عمالها فيها وعلى غير هدى، مثل ظلمات في بحر لجي. ونسب البحر إلى اللجة، وصفا له بأنه عميق كثير الماء. ولجة البحر: معظمه. يغشاه موج يقول: يغشى البحر موج، من فوقه موج: يقول: من فوق الموج موج آخر يغشاه، من فوقه سحاب: يقول: من فوق الموج الثاني الذي يغشى الموج الأول سحاب. فجعل الظلمات مثلا لأعمالهم، والبحر اللجى مثلا لقلب الكافر، يقول: عمل بنية قلب قد غمره الجهل وتغشته الضلال والحيرة كما يغشى هذا البحر اللجي موج من فوقه موج من فوقه سحاب، فكذلك قلب هذا الكافر الذي مثل عمله مثل هذه الظلمات، يغشاه الجهل بالله، بأن الله ختم عليه فلا يعقل عن الله، وعلى سمعه فلا يسمع مواعظ الله، وجعل على بصره غشاوة فلا يبصر به حجج الله، فتلك ظلمات بعضها فوق بعض.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.] ذكر من قال ذلك: