رجل وقد دخلت هاهنا في الأولياء وهي في موضع الخبر، ولو لم تكن فيها من، كان وجها حسنا. وأما البور: فمصدر واحد، وجمع للبائر، يقال: أصبحت منازلهم بورا: أي خالية لا شئ فيها، ومنه قولهم: بارت السوق وبار الطعام: إذا خلا من الطلاب والمشتري فلم يكن له طالب، فصار كالشئ الهالك ومنه قول ابن الزبعرى:
يا رسول المليك إن لساني * راتق ما فتقت إذ أنا بور وقد قيل: إن بور: مصدر، كالعدل والزور والقطع، لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث.
وإنما أريد بالبور في هذا الموضع أن أعمال هؤلاء الكفار كانت باطلة لأنها لم تكن لله، كما ذكرنا عن ابن عباس. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فقد كذبوكم بما تقولون فما تستطيعون صرفا ولا نصرا ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا) *.
يقول تعالى ذكره مخبرا عما هو قائل للمشركين عند تبري من كانوا يعبدونه في الدنيا من دون الله منهم: قد كذبوكم أيها الكافرون من زعمتم أنهم أضلوكم ودعوكم إلى عبادتهم بما تقولون يعني بقولكم، يقول: كذبوكم بكذبكم.
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: فقد كذبوكم بما تقولون يقول الله للذين كانوا يعبدون عيسى وعزيزا والملائكة، يكذبون المشركين.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: فقد كذبوكم بما تقولون قال: عيسى وعزير والملائكة، يكذبون المشركين بقولهم.