وقوله: وأترفناهم في الحياة الدنيا يقول: ونعمناهم في حياتهم الدنيا بما وسعنا عليهم من المعاش وبسطنا لهم من الرزق، حتى بطروا وعتوا على ربهم وكفروا ومنه قول الراجز:
وقد أراني بالديار مترفا وقوله: ما هذا إلا بشر مثلكم يقول: قالوا: بعث الله صالحا إلينا رسولا من بيننا، وخصه با لرسالة دوننا، وهو انسان مثلنا يأكل مما نأكل منه من الطعام ويشرب مما نشرب، وكيف لم يرسل ملكا من عنده يبلغنا رسالته؟ قال: ويشرب مما تشربون معناه: مما تشربون منه، فحذف من الكلام منه، لان معنى الكلام: ويشرب من شرابكم، وذلك أن العرب تقول: شربت من شرابك. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون ئ أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون) *.
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل الملا من قوم صالح لقومهم: ولئن أطعمتم بشرا مثلكم فاتبعتموه وقبلتم ما يقول وصدقتموه. إنكم أيها القوم إذا لخاسرون:
يقول: قالوا: إنكم إذن لمغبونون حظوظكم من الشرف والرفعة في الدنيا، باتباعكم إياه.
قوله: أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما... الآية، يقول تعالى ذكره:
قالوا لهم: أيعدكم صالح أنكم إذا متم وكنتم ترابا في قبوركم وعظاما قد ذهبت لحوم أجسادكم وبقيت عظامها، أنكم مخرجون من قبوركم أحياء كما كنتم قبل مماتكم؟ وأعيدت أنكم مرتين، والمعنى: أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما مخرجون مرة واحدة، لما فرق بين أنكم الأولى وبين خبرها ب إذا، وكذلك تفعل العرب بكل اسم أوقعت عليه الظن وأخواته، ثم اعترضت بالجزاء دون خبره، فتكرر اسمه مرة وتحذفه أخرى، فتقول:
أظن أنك إن جالستنا أنك محسن، فإن حذفت أنك الأولى الثانية صلح، وإن أثبتهما