عليه شئ، فخبره هو الحق دون خبرهم. وقال: عالم الغيب فرفع على الابتداء، بمعنى: هو عالم الغيب، ولذلك دخلت الفاء في قوله: فتعالى كما يقال: مررت بأخيك المحسن فأحسنت إليه، فترفع المحسن إذا جعلت فأحسنت إليه بالفاء، لان معنى الكلام إذا كان كذلك: مررت بأخيك هو المحسن، فأحسنت إليه. ولو جعل الكلام بالواو فقيل: وأحسنت إليه، لم يكن وجه الكلام في المحسن إلا الخفض على النعت للأخ، ولذلك لو جاء فتعالى بالواو كان وجه الكلام في عالم الغيب الخفض على الاتباع لاعراب اسم الله، وكان يكون معنى الكلام: سبحان الله عالم الغيب والشهادة وتعالى فيكون قوله:
وتعالى حينئذ معطوفا على سبحان الله. وقد يجوز الخفض مع الفاء، لان العرب قد تبدأ الكلام بالفاء، كابتدائها بالواو. وبالخفض كان يقرأ: عالم الغيب في هذا لموضع أبو عمرو، وعلى خلافه في ذلك قراءة الأمصار.
والصواب من القراءة في ذلك عندنا: الرفع، لمعنيين: أحدهما: إجماع الحجة من القراء عليه، والثاني: صحته في العربية.) وقوله: فتعالى عما يشركون يقول تعالى ذكره: فارتفع الله وعلا عن شرك هؤلاء المشركين، ووصفهم إياه بما يصفون. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قل رب إما تريني ما يوعدون ئ رب فلا تجعلني في القوم الظالمين وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): قل يا محمد: رب إن تريني في هؤلاء المشركين ما تعدهم من عذابك فلا تهلكني بما تهلكهم به. ونجني من عذابك وسخطك فلا تجعلني في القوم المشركين ولكن اجعلني ممن رضيت عنه من أوليائك. وقوله: فلا تجعلني جواب لقوله: إما تريني اعترض بينهما بالنداء، ولو لم يكن قبله جزاء لم يجز ذلك في الكلام، لا يقال: يا زيد فقم، ولا يا رب فاغفر، لان النداء مستأنف، وكذلك الامر بعده مستأنف، لا تدخله الفاء والواو، إلا أن يكون جوابا لكلام قبله. وقوله: وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون يقول تعالى ذكره: وإنا يا محمد على أن نريك في هؤلاء المشركين ما نعدهم من تعجيل العذاب لهم، لقادرون، فلا يحزننك تكذيبهم إياك بما نعدهم به، وإنما نؤخر ذلك ليبلغ الكتاب أجله. القول في تأويل قوله تعالى: