وقال آخرون: معنى ذلك: اعملوا بالحق حق عمله. وهذا قول ذكره عن الضحاك بعض من في روايته نظر.
والصواب من القول في ذلك: قول من قال: عنى به الجهاد في سبيل الله لان المعروف من الجهاد ذلك، وهو الأغلب على قول القائل: جاهدت في الله. وحق الجهاد:
هو استفراغ الطاقة فيه.
وقوله: هو اجتباكم يقول: هو اختاركم لدينه، واصطفاكم لحرب أعدائه والجهاد في سبيله وقال ابن زيد في ذلك، ما:
حدثني به يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:
هو اجتباكم قال: هو هداكم.
وقوله: وما جعل عليكم في الدين من حرج يقول تعالى ذكره: وما جعل عليكم ربكم في الدين الذي تعبدكم به من ضيق، لا مخرج لكم مما ابتليتم به فيه بل وسع عليكم، فجعل التوبة من بعض مخرجا، والكفارة من بعض، والقصاص من بعض، فلا ذنب يذنب المؤمن إلا وله منه في دين الاسلام مخرج.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن زيد، عن ابن شهاب، قال: سأل عبد الملك بن مروان علي بن عبد الله بن عباس عن هذه الآية: وما جعل عليكم في الدين من حرج فقال علي بن عبد الله: الحرج: الضيق، فجعل الله الكفارات مخرجا من ذلك، سمعت ابن عباس يقول ذلك.
قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني سفيان بن عيينة، عن عبيد الله بن أبي يزيد، قال: سمعت ابن عباس يسأل عن: ما جعل عليكم في الدين من حرج، قال: ما ها هنا من هذيل أحد؟ فقال رجل: نعم، قال: ما تعدون الحرجة فيكم؟ قال: الشئ الضيق. قال ابن عباس: فهو كذلك.