والأصنام شبها، فعبدوها معي وأشركوها في عبادتي. فاستمعوا له يقول: فاستمعوا حال ما مثلوه وجعلوه في عبادتهم إياه شبها وصفته. إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا يقول: إن جميع ما تعبدون من دون الله من الآلهة والأصنام لو جمعت لم يخلقوا ذبابا في صغره وقلته، لأنها لا تقدر على ذلك ولا تطيقه، ولو اجتمع لخلقه جميعها. والذباب واحد، وجمعه في القلة أذبة وفي الكثير ذبان، نظير غراب يجمع في القلة أغربة وفي الكثرة غربان.] وقوله: وإن يسلبهم الذباب شيئا يقول: وإن يسلب الآلهة والأوثان الذباب شيئا مما عليها من طيب وما أشبهه من شئ لا يستنقذوه منه: يقول: لا تقدر الآلهة أن تستنقذ ذلك منه.
واختلف في معنى قوله: ضعف الطالب والمطلوب فقال بعضهم: عني بالطالب:
الآلهة، وبالمطلوب: الذباب. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حجاج، عن ابن جريج، قال ابن عباس، في قوله: ضعف الطالب قال: آلهتهم. والمطلوب: الذباب.
وكان بعضهم يقول: معنى ذلك: ضعف الطالب من بني آدم إلى الصنم حاجته، والمطلوب إليه الصنم أن يعطي سائله من بني آدم ما سأله، يقول: ضعف عن ذلك وعجز.
والصواب من القول في ذلك عندنا ما ذكرته عن ابن عباس من أن معناه: وعجز الطالب وهو الآلهة أن تستنقذ من الذباب ما سلبها إياه، وهو الطيب وما أشبهه والمطلوب: الذباب.
وإنما قلت هذا القول أولى بتأويل ذلك، لان ذلك في سياق الخبر عن الآلهة والذباب فأن يكون ذلك خبرا عما هو به متصل أشبه من أن يكون خبرا عما هو عنه منقطع. وإنما أخبر جل ثناؤه عن الآلهة بما أخبر به عنها في هذه الآية من ضعفها ومهانتها، تقريعا منه بذلك عبدتها من مشركي قريش، يقول تعالى ذكره: كيف يجعل مثل في العبادة ويشرك فيها معي ما لا قدرة له على خلق ذباب، وإن أخذ له الذباب فسلبه شيئا عليه لم يقدر أن يمتنع منه ولا ينتصر، وأنا الخالق ما في السماوات والأرض ومالك جميع ذلك،