حدثني أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، قال: ثنا ابن جريج، عن مجاهد، في قوله: لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه قال: إراقة الدم بمكة.
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
هم ناسكوه قال: إهراق دماء الهدي.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة:
منسكا قال: ذبحا وحجا.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: عني بذلك إراقة الدم أيام النحر بمنى لان المناسك التي كان المشركون جادلوا فيها رسول الله (ص) كانت إراقة الدم في هذه الأيام، على أنهم قد كانوا جادلوه في إراقة الدماء التي هي دماء ذبائح الانعام بما قد أخبر الله عنهم في سورة الأنعام. غير أن تلك لم تكن مناسك، فأما التي هي مناسك فإنما هي هدايا أو ضحايا ولذلك قلنا: عني بالمنسك في هذا الموضع الذبح الذي هو بالصفة التي وصفنا.
وقوله: فلا ينازعنك في الامر يقول تعالى ذكره: فلا ينازعنك هؤلاء المشركون بالله يا محمد في ذبحك ومنسكك بقولهم: أتأكلون ما قتلتم، ولا تأكلون الميتة التي قتلها الله؟ فأنك أولى بالحق منهم، لأنك محق وهم مبطلون.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: فلا ينازعنك في الامر قال: الذبح.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة: فلا ينازعنك في الامر فلا تتحام لحمك.
وقوله: وادع إلى ربك يقول تعالى ذكره: وادع يا محمد منازعيك من المشركين بالله في نسكك وذبحك إلى اتباع أمر ربك في ذلك بأن لا يأكلوا إلا ما ذبحوه بعد اتباعك وبعد التصديق بما جئتهم به من عند الله، وتجنبوا الذبح للآلهة والأوثان وتبرأوا منها، إنك لعلى طريق مستقيم غير زائل عن مجة الحق والصواب في نسكك الذي جعله لك ولامتك ربك، وهم الضلال على قصد السبيل، لمخالفتهم أمر الله في ذبائحهم ومطاعمهم وعبادتهم الآلهة. القول في تأويل قوله تعالى: