وقال آخرون في ذلك نحو الذي قلنا فيه. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
سواء العاكف فيه قال: الساكن، والباد الجانب سواء حق الله عليهما فيه.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد في قوله: سواء العاكف فيه قال: الساكن والبا: الجانب. قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو تميلة، عن أبي حمزة، عن جابر، عن مجاهد وعطاء: سواء العاكف فيه قالا: من أهله، والباد الذي يأتونه من غير أهله هما في حرمته سواء.
وإنما اخترنا القول الذي اخترنا في ذلك لان الله تعالى ذكره ذكر في أول الآية صد من كفر به من أراد من المؤمنين قضاء نسكه في الحرم عن المسجد الحرام، فقال: إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام ثم ذكر جل ثناؤه صفة المسجد الحرام، فقال: الذي جعلناه للناس فأخبر جل ثناؤه أنه جعله للناس كلهم، فالكافرون به يمنعون من أراده من المؤمنين به عنه. ثم قال: سواء العاكف فيه والباد فكان معلوما أن خبره عن استواء العاكف فيه والباد، إنما هو في المعنى الذي ابتدأ الله الخبر عن الكفار أنهم صدوا عنه المؤمنين به وذلك لا شك طوافهم وقضاء مناسكهم به والمقام، لا الخبر عن ملكهم إياه وغير ملكهم. وقيل: إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله فعطف ب يصدون وهو مستقبل على كفروا وهو ماض، لان الصد بمعنى الصفة لهم والدوام.
وإذا كان ذلك معنى الكلام، لم يكن إلا بلفظ الاسم أو الاستقبال، ولا يكون بلفظ الماضي. وإذا كان ذلك كذلك، فمعنى الكلام: إن الذين كفروا من صفتهم الصد عن سبيل الله، وذلك نظير قول الله: الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله. وأما قوله: سواء العاكف فيه فإن قراء الأمصار على رفع سواء ب العاكف، والعاكف به، وإعمال جعلناه في الهاء المتصلة به، واللام التي في قوله للناس، ثم استأنف الكلام ب سواء وكذلك تفعل العرب ب سواء إذا جاءت بعد حرف قد تم الكلام به، فتقول: مررت برجل سواء عنده الخير والشر، وقد يجوز في ذلك الخفض. وإنما يختار الرفع في ذلك لان