قال ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس، قال: إلى السماء إلى سماء البيت. قال ابن جريج: وقال مجاهد: ثم ليقطع قال: ليختنق، وذلك كيده ما يغيظ قال: ذلك خنقه أن لا يرزقه الله.
حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: فليمدد بسبب يعني: بحبل. إلى السماء يعني: سماء البيت.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: أخبرنا أبو رجاء، قال: سئل عكرمة عن قوله: فليمدد بسبب إلى السماء قال: سماء البيت. ثم ليقطع قال:
يختنق.
وأولى ذلك بالصواب عندي في تأويل ذلك قول من قال: الهاء من ذكر نبي الله (ص) ودينه وذلك أن الله تعالى ذكره ذكر قوما يعبدونه على حرف وأنهم يطمئنون بالدين إن أصابوا خيرا في عبادتهم إياه وأنهم يرتدون عن دينهم لشدة تصيبهم فيها، ثم أتبع ذلك هذه الآية فمعلوم أنه إنما أتبعه إياها توبيخا لهم على ارتدادهم عن الدين أو على شكهم فيه نفاقهم، استبطاء منهم السعة في العيش أو السبوغ في الرزق. وإذا كان الواجب أن يكون ذلك عقيب الخبر عن نفاقهم، فمعنى الكلام إذن إذ كان ذلك كذلك: من كان يحسب أن لن يرزق الله محمدا (ص) وأمته في الدنيا فيوسع عليهم من فضله فيها، ويرزقهم في الآخرة من سني عطاياه وكرامته، استبطاء منه فعل الله ذلك به وبهم، فليمدد بحبل إلى سماء فوقه: إما سقف بيت، أو غيره مما يعلق به السبب من فوقه، ثم يختنق إذا اغتاظ من بعض ما قضى الله فاستعجل انكشاف ذلك عنه، فلينظر هل يذهبن كيده اختناقه كذلك ما يغيظ؟ فإن لم يذهب ذلك غيظه، حتى يأتي الله بالفرج من عنده فيذهبه، فكذلك استعجاله نصر الله محمدا ودينه لن يؤخر ما قضى الله له من ذلك عن ميقاته ولا يعجل قبل حينه. وقد ذكر أن هذه الآية نزلت في أسد وغطفان، تباطؤوا عن الاسلام، وقالوا: نخاف أن لا ينصر محمد (ص) فينقطع الذي بيننا وبين حلفائنا من اليهود فلا يميروننا ولا يرووننا فقال الله تبارك وتعالى لهم: من استعجل من الله نصر محمد، فليمدد بسبب إلى السماء فليختنق فلينظر استعجاله بذلك في نفسه هل هو مذهب غيظه؟ فكذلك استعجاله من الله نصر محمد غير مقدم نصره قبل حينه.