الكافر والمؤمن قال ابن جريج: خصومتهم التي اختصموا في ربهم، خصومتهم في الدنيا من أهل كل دين، يرون أنهم أولى بالله من غيرهم.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، قال: كان عاصم والكلبي يقولان جميعا في: هذان خصمان اختصموا في ربهم قال: أهل الشرك والإسلام حين اختصموا أيهم أفضل، قال: جعلا الشرك ملة.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى. وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: هذان خصمان اختصموا في ربهم قال: مثل المؤمن والكافر اختصامهما في البعث.
وقال آخرون: الخصمان اللذان ذكرهما الله في هذه الآية: الجنة والنار. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو تميلة، عن أبي حمزة، عن جابر، عن عكرمة: هذان خصمان اختصموا في ربهم قال: هما الجنة والنار اختصمتا، فقالت النار: خلقني الله لعقوبته وقالت الجنة: خلقني الله لرحمته فقد قص الله عليك من خبرهما ما تسمع.
وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب وأشبهها بتأويل الآية، قول من قال: عني بالخصمين جميع الكفار من أي أصناف الكفر كانوا وجميع المؤمنين. وإنما قلت ذلك أولى بالصواب، لأنه تعالى ذكره ذكر قبل ذلك صنفين من خلقه: أحدهما أهل طاعة له بالسجود له، والآخر: أهل معصية له، قد حق عليه العذاب، فقال: ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر ثم قال: وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب، ثم أتبع ذلك صفة الصنفين كليهما وما هو فاعل بهما، فقال: فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار وقال الله: إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار فكان بينا بذلك أن ما بين ذلك خبر عنهما.
فإن قال قائل: فما أنت قائل فيما روي عن أبي ذر في قوله: إن ذلك نزل في الذين بارزوا يوم بدر؟ قيل: ذلك إن شاء الله كما روي عنه ولكن الآية قد تنزل بسبب من الأسباب، ثم تكون عامة في كل ما كان نظير ذلك السبب. وهذه من تلك، وذلك أن الذين تبارزوا إنما كان أحد الفريقين أهل شرك وكفر بالله، والآخر أهل إيمان بالله وطاعة له، فكل