وإنما قلنا ذلك أولى بالصوا ب، لان الله ذكر ذلك ووصف به إبراهيم خليله صلوات الله عليه بعد وصفه إياه بالدعاء والاستغفار لأبيه، فقال: وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه وترك الدعاء والاستغفار له، ثم قال: أن إبراهيم لدعاء لربه شاك له حليم عمن سبه وناله بالمكروه وذلك أنه صلوات الله عليه وعد أباه بالاستغفار له، ودعاء الله له بالمغفرة عند وعيد أبيه إياه، وتهدده له بالشتم بعد ما رد عليه نصيحته في الله، وقوله: أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا فقال له صلوات الله عليه: سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا فوفى لأبيه بالاستغفار له حتى تبين له أنه عدو لله، فوصفه الله بأنه دعاء لربه حليم عمن سفه عليه.
وأصله من التأوه وهو التضرع والمسألة بالحزن والاشفاق، كما روى عبد الله بن شداد عن النبي (ص)، وكما روى عقبة بن عامر الخبر الذي:
حدثنيه يحيى بن عثمان بن صالح السهمي، قال: ثنا أبي، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثني الحرث بن يزيد، عن علي بن رباح، عن عقبة بن عامر: أن رسول الله (ص) قال لرجل يقال له ذو البجادين: إنه أواه وذلك أنه رجل كان يكثر ذكر الله بالقرآن والدعاء ويرفع صوته.
ولذلك قيل للمتوجع من ألم أو مرض: لم تتأوه؟ كما قال المثقب العبدي:
إذا ما قمت أرحلها بليل * تأوه آهة الرجل الحزين ومنه قول الجعدي:
ضروح مروح يتبع الورق بعدما * يعرسن تشكو آهة وتذمرا