غير أنهم نقلوا حركة التاء من يهتدي إلى الهاء الساكنة، فحركوا بحركتها وأدغموا التاء في الدال فشددوها. وقرأ ذلك بعض قراء الكوفة: يهدي بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال، بنحو ما قصده قراء أهل المدينة غير أنه كسر الهاء لكسرة الدال من يهتدي استثقالا للفتحة بعدها كسرة في حرف واحد. وقرأ ذلك بعض عامة قراء الكوفيين: أم من لا يهدي بتسكين الهاء وتخفيف الدال، وقالوا: إن العرب تقول: هديت بمعنى اهتديت، قالوا: فمعنى قوله: أم من لا يهدي: أم من لا يهتدي إلا أن يهدى.
وأولى القراءة في ذلك بالصواب قراءة من قرأ: أم من لا يهدي بفتح الهاء وتشديد الدال، لما وصفنا من العلة لقارئ ذلك كذلك، وأن ذلك لا يدفع صحته ذو علم بكلام العرب وفيهم المنكر غيره، وأحق الكلام أن يقرأ بأفصح اللغات التي نزل بها كلام الله تبارك وتعالى.
فتأويل الكلام إذا: أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع، أم من لا يهتدي إلى شئ إلا أن يهدى.
وكان بعض أهل التأويل يزعم أن معنى ذلك: أم من لا يقدر أن ينتقل عن مكانه إلا أن ينقل.
وكان مجاهد يقول في تأويا ذلك ما:
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدى قال:
الأوثان، الله يهدي منها ومن غيرها من شاء لما شاء.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: أمن لا يهدي إلا أن يهدى قال: قال: الوثن.
وقوله: فما لكم كيف تحكمون ألا تعلمون أن من يهدي إلى الحق أحق أن يتبع من الذي لا يهتدي إلى شئ إلا أن يهديه إليه هاد غيره، فتتركوا اتباع من لا يهتدي إلى شئ وعبادته وتتبعوا من يهديكم في ظلمات البر والبحر وتخلصوا له العبادة فتفردوه بها وحده دون ما تشركونه فيها من آلهتكم وأوثانكم؟ القول في تأويل قوله تعالى: