. اختلفت القراء في قراءة قوله: هنالك تبلو كل نفس بالباء، بمعنى: عند ذلك تختبر كل نفس بما قدمت من خير أو شر. وكان ممن يقرؤه ويتأوله كذلك مجاهد حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت قال: تختبر.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
وقرأ ذلك جماعة من أهل الكوفة وبعض أهل الحجاز: تتلو كل نفس ما أسلفت بالتاء.
واختلف قارئو ذلك كذلك في تأويله، فقال بعضهم: معناه وتأويله: هنالك تتبع كل نفس ما قدمت في الدنيا لذلك اليوم. وروي بنحو ذلك خبر عن النبي (ص) من وجه وسند غير مرتضى أنه قال: يمثل لكل قوم ما كانوا يعبدون من دون الله يوم القيامة، فيتبعونهم حتى يوردوهم النار قال: ثم تلا رسول الله (ص) هذه الآية: هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت. وقال بعضهم: بل معناه: تتلو كتاب حسناته وسيئاته، يعني تقرأ، كما قال جل ثناؤه: ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا.
وقال آخرون: تبلو: تعاين. ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت قال: ما عملت. تبلو: تعاينه.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان قد قرأ بكل واحدة منهما أئمة من القراء، وهما متقاربتا المعنى وذلك أن من تبع في الآخرة ما أسلف من العمل في الدنيا، هجم به على مورده، فيخبر هنالك ما أسلف من صالح أو سيئ في الدنيا، وإن من خير من أسلف في الدنيا من أعماله في الآخرة، فإنما يخبر بعد مصيره إلى