يقول تعالى ذكره: والذين عملوا السيئات في الدنيا، فعصوا الله فيها، وكفروا به وبرسوله، جزاء سيئة من عمله السئ الذي عمله في الدنيا بمثلها من عقاب الله في الآخرة. وترهقهم ذلة يقول: وتغشاهم ذلة وهوان بعقاب الله إياهم. ما لهم من الله من عاصم يقول: ما لهم من الله من مانع يمنعهم إذا عاقبهم يحول بينه وبينهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قا أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: وترهقهم ذلة قال: تغشاهم ذلة وشدة.
واختلف أهل العربية في الرافع للجزاء، فقال بعض نحويي الكوفة: رفع بإضمار لهم، كأنه قيل: ولهم جزاء السيئة بمثلها، كما قال: فصيام ثلاثة أيام في الحج والمعنى: فعليه صيام ثلاثة أيام. قال: وإن شئت رفعت الجزاء بالباء في قوله: وجزاء سيئة بمثلها. وقال بعض نحويي البصرة: الجزاء مرفوع بالابتداء: وخبره بمثلها. قال:
ومعنى الكلام: جزاء سيئة مثلها، وزيدت الياء كما زيدت في قوله: بحسبك قول السوء.
وقد أنكر ذلك من قول بعضهم فقال: يجوز أن تكون الباء في حسب (زائدة)، لان التأويل: إن قلت السوء فهو حسبك، فلما لم تدخل في الجزاء أدخلت في حسب بحسبك أن تقوم إن قمت فهو حسبك، فإن مد ما بعد حسب أدخلت الباء فيما بعدها كقولك:
حسبك بزيد، ولا يجوز: بحسبك زيد، لان زيدا الممدوح فليس بتأويل جزاء.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يكون الجزاء مرفوعا بإضمار بمعنى: فلهم جزاء سيئة بمثلها لان الله قال في الآية التي قبلها: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة فوصف ما أعد لأوليائه، ثم عقب ذلك بالخبر عما أعد الله لأعدائه، فأشبه بالكلام أن يقال: وللذين كسبوا السيئات جزاء سيئة. وإذا وجه ذلك إلى هذا المعنى كانت الياء للجزاء.
القول في تأويل قوله تعالى: كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.
يقول تعالى ذكره: كأنما ألبست وجوه هؤلاء الذين كسبوا السيئات قطعا من الليل، وهي جمع قطعة. وكان قتادة يقول في تأويل ذلك، ما: