إلا أن هناك الكثير من الآيات الأخرى التي تبين - بدقة - محدوديتهما، وعندما تضع الآيات (المطلقة) إلى جانب (المحدودة) يتضح المعنى بصورة كاملة، ولا يبقى أي غموض أو إبهام في معنى الآيات، كما أنها - أي الآيات - تؤكد بشدة على مسألة الاختيار وحرية الإرادة عند الإنسان ولا تتعارض معهما.
الآن يجب الانتباه إلى التوضيح التالي:
القرآن المجيد يقول في إحدى آياته: يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين وفي مكان آخر يقول البارئ عز وجل: والله لا يهدي القوم الظالمين (1) وهذا يبين أن الظلم مقدمة للظلال. ومن هنا يتضح أن الفسق، أي عدم إطاعة أوامر البارئ تعالى وهو مصدر الضلال.
وفي موضع آخر نقرأ: والله لا يهدي القوم الكافرين (2)، وهنا اعتبر الكفر هو الذي يهئ أرضية الضلال.
وقد ورد في آية أخرى: إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار (3) يعني أن الكذب والكفر هما مقدمة الضلال.
والآية التالية تقول: إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب (4) أي أن الإسراف والكذب يسببان الضلالة.
وبالطبع، فإن ما أوردناه كان جزءا يسيرا من آيات القرآن التي تتناول هذا الموضوع، فبعض الآيات وردت مرات عديدة في سور القرآن المختلفة وهي تحمل المعاني والمفاهيم.
إن ما يمكن استنتاجه هو أن القرآن الكريم يؤكد على أن الضلالة الإلهية تشمل كل من توفرت فيه هذه الصفات (الكفر) و (الظلم) و (الفسق) و (الكذب).