هناك خصوصيات بين دعوة نبي وآخر بحسب حاجة الزمان والمسيرة التكاملية للبشر (1).
وضروري أن نشير إلى أن الآيات التي نبحثها أشارت إلى سبع صفات من صفات الله الكمالية، لكل منها دور في قضية الوحي بشكل معين، ومن ضمنها الصفتان اللتان نقرأوهما في هذه الآية: العزيز الحكيم.
فعزته تعالى وقدرته المطلقة تقتضي سيطرته على الوحي ومحتواه العظيم.
وحكمته تستوجب أن يكون الوحي الإلهي حكيما متناسقا مع حاجات الإنسان التكاملية في جميع الأمور والشؤون.
وتعبير " يوحى " دليل على استمرار الوحي منذ خلق الله آدم (عليه السلام) حتى عصر النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) لأن الفعل المضارع يفيد الاستمرار.
قوله تعالى: له ما في السماوات وما في الأرض وهو العلي العظيم.
إن مالكيته تعالى لما في السماء والأرض تستوجب ألا يكون غريبا عن مخلوقاته وما يؤول إليه مصيرها، بل يقوم بتدبير أمورها وحاجاتها عن طريق الوحي، وهذه هي الصفة الثالثة من الصفات السبع.
أما " العلي " و " العظيم " اللذان هما رابع وخامس صفة له (سبحانه وتعالى) في هذه الآيات، فهما يشيران إلى عدم حاجته لأي طاعة أو عبودية من عباده، وإنما قام تعالى بتدبير أمر العباد عن طريق الوحي من أجل أن ينعم على عباده.
الآية التي بعدها تضيف: تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن (2) وذلك بسبب نزول الوحي من قبل الله، أو بسبب التهم الباطلة التي كان المشركون والكفار ينسبونها إلى الذات المقدسة ويشركون الأصنام في عبادته.