3 أما الخاصية الثانية فهي مثاني - أي المكرر - وهذه الكلمة تشير إلى تكرار بحوثه المختلفة وقصصه ومواعظه، التكرار الذي لا يمل منه الإنسان، وإنما على العكس من ذلك، إذ يتشوق لتلاوته أكثر، وهذه إحدى أسس الفصاحة، إذ يعمد الإنسان أحيانا إلى التكرار وبصور مختلفة وأساليب متنوعة، وذلك إذا أراد التأكيد على أمر ما وجلب الانتباه إليه والتأثر به، كي لا يمل السامع أو يضجر منه.
إضافة إلى أن مواضيع القرآن المكررة تفسر إحداها الأخرى، وتحل الكثير من ألغازه عن هذا الطريق.
بعضهم اعتبرها إشارة إلى تكرار تلاوة القرآن وبقائه غضا طريا من جراء تكرار تلاوته.
والبعض الآخر اعتبرها إشارة إلى تكرار نزول القرآن، فمرة نزل دفعة واحدة على صدر الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وذلك في ليلة القدر، ومرة أخرى بصورة تدريجية استمرت لفترة (23) عاما.
ومن المحتمل أن يكون المراد من التكرار هو ملاءمة القرآن لكل زمان، وانكشاف بعض الأمور الغيبية فيه بمرور السنوات.
والتفسير الأول أنسب من بقية التفاسير، رغم عدم وجود أي تعارض بين الجميع، بل من الممكن أن تكون جميعها صحيحة (1).
3 أما الخاصية الثالثة فهي تقشعر منه الجلود وهذه الخاصية للقرآن فهي مسألة نفوذه وتأثيره العميقين والخارقين تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله.