وبعبارة أخرى فإن الجمع بين الآيات القرآنية المختلفة - والأحاديث - يقتضي التخصيص في بعض الموارد بالنسبة لهذه الآية العامة، وليس هذا موضوعا جديدا ليكون محل نقاش بعض المفسرين.
وخلاصة القول فإن هناك غايات مختلفة للمصائب والمشاكل التي تصيب الإنسان، حيث تمت الإشارة إليها في المواضيع التوحيدية وبحوث العدل الإلهي.
فالملكات تنمو وتتكامل تحت ضغط المصائب، ويكون هناك حذر بالنسبة للمستقبل، ويقظة من الغرور والغفلة وكفارة للذنب و...
وبما أن أغلب أعمال الأفراد لها طبيعة جزائية وتكفيرية، لذا فإن الآية تطرح ذلك بشكل عام.
ولذا فقد ورد في الحديث أنه وعندما دخل علي بن الحسين (عليه السلام) على يزيد بن معاوية، نظر إليه يزيد وقال: يا علي، ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم (إشارة إلى أن مأساة كربلاء هي نتيجة أعمالكم).
إلا أن الإمام (عليه السلام) أجابه مباشرة: " كلا ما نزلت هذه فينا، إنما نزل فينا: ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم فنحن الذين لا نأسى على ما فاتنا من أمر الدنيا، ولا نفرح بما أوتينا " (1).
وننهي هذا الكلام بحديث آخر عن الإمام الصادق (عليه السلام) فعندما سئل عن تفسير الآية أعلاه قال: تعلمون أن عليا وأهل بيته قد أصيبوا بالمصائب من بعده، فهل كان ذلك بسبب أعمالهم؟ في حين أنهم أهل بيت الطهر، والعصمة من الذنب، ثم أضاف: نص إن رسول الله كان يتوب إلى الله ويستغفر في كل يوم وليلة مائة مرة من غير ذنب، إن الله يخص أولياءه بالمصائب ليأجرهم عليها من غير ذنب (2).