الأقوام، والآية بهذا المعنى لا تختص بكفار مكة، كما يتصور بعض المفسرين.
إن حتمية العقاب الإلهي لهؤلاء القوم يعود إلى ذنوبهم المستمرة، والأعمال التي يقومون بها بملء ء إرادتهم خلافا لرسالة الله... ولكن العجيب أن بعض المفسرين - كالفخر الرازي - يتصور أن هذه الآية هي من أدلة عقيدة الجبر والمصير الجبري الإلزامي للأقوام المختلفة، ودليل سلب الإرادة عنهم، في حين أننا لو دققنا في نفس الآية مع ترك التعصب المذهبي جانبا، فسيتوضح لنا أن هذا المصير الإلهي الذي ينتظرهم هو بسبب سلوكهم لطريق الانحراف المظلم، وبسبب إصرارهم على السير بهذا الطريق بأرجلهم وبكامل حريتهم وملء إرادتهم.
* * * 2 بحثان 3 أولا: استعراض الكفار لقواهم الظاهرية يواجهنا في الآيات القرآنية وفي أماكن متعددة مؤذى يفيد أن المؤمنين المحرومين ينبغي لهم أن لا يتصوروا أن الإمكانات الكبيرة والقوى الظاهرة الواقعة في حوزة الظالمين والكفار، هي دليل على سعادتهم، أو شرط لانتصارهم في نهاية المطاف.
- ومن أجل القضاء على هذا التصور المنحرف الخاطئ الذي يلازم في العادة الضعفاء ذوي الأفكار المحدودة والأفق الإيماني الضيق، ومن الذين يرون في إمكانات الخصم دليلا معنويا على حقانيته، فالقرآن يعالج هذه الظاهرة من خلال تفحص واستعراض تأريخ الأقوام السابقة، ويشير في استعراضه لهم إلى نماذج واضحة ومعروفة منهم كالفراعنة في مصر، والنماردة في بابل، وأقوام نوح وعاد وثمود في العراق والحجاز والشام، حتى لا يشعر المؤمنون المستضعفون بالضعف والهوان، ولكي ييأسوا من جدوى المواجهة في حرب هي سجال بين