ولهذه المناسبة - أيضا - فإن الآية التي بعدها تتحدث عن أهم آيات علم وقدرة الخالق، حيث تقول: ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة.
فالسماوات بعظمتها، بمجراتها وكواكبها، بملايين الملايين من النجوم العظيمة اللامعة، بنظامها الدقيق الذي يبهت الإنسان عند مطالعته لها. والأرض بمنابعها الحياتية ونباتاتها المتنوعة ولورود والفواكه بمختلف البركات والمواهب والجمال! كلها تعتبر آيات وعلائم تدل عليه... هذا من جانب.
ومن جانب آخر فالأحياء في الأرض والسماء، كأنواع الطيور، ومئات الآلاف من الحشرات، وأنواع الحيوانات الأليفة والمتوحشة، والزواحف، والأسماك بأنواعها وأحجامها، والعجائب المختلفة الموجودة في كل نوع من هذه الأنواع، والأهم من ذلك حقيقة (الحياة) وأسرارها التي لم يستطع أحد التوصل إلى كنهها بعد آلاف السنين من البحوث لملايين العلماء، كل ذلك هو من آيات الخالق.
والملفت للنظر أن (دابة) تشمل الكائنات الحية المجهرية التي لها حركات لطيفة وعجيبة، وتشمل الحيوانات الكبيرة العملاقة التي يصل طولها إلى عشرات الأمتار ووزنها إلى عشرات الأطنان، فكل صنف يسبح على طريقته الخاصة ويحمد الخالق، ويبين عظمته تعالى وقدرته وعلمه اللامحدود، بلسان حاله.
وتقول الآية في نهايتها: وهو على جمعهم إذا يشاء قدير (1).
أما ما هو المقصود من جمع الأحياء الذي تذكره هذه الآية؟ فقد ذكر العديد من المفسرين أنه الجمع للحساب وجزاء الأعمال في القيامة، ويمكن اعتبار الآيات التي تذكر القيامة بعنوان (يوم الجمع) دليلا على هذا المعنى (مثل الآية 7