نقاش ومناظرة.
أما أن يكون النقاش والجدل بين الطرفين بهدف التفاخر واستعراض القوة، وفرض الرأي على الطرف الثاني عن طريق إثارة الضجة، فإن عاقبة هذا الأمر لا تكون سوى الابتعاد عن الحق وعشعشة الظلمة في القلوب وتجذر العداء والحقد لا غير.
ولهذا السبب نهت الروايات والأحاديث الإسلامية عن المراء والجدال الباطل، وفي هذه المرويات إشارات كبيرة المعنى إلى الآثار السيئة لهذا النوع من الجدال.
ففي حديث عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب نقرأ قوله (عليه السلام): " من ضن بعرضه فليدع المراء " (1). لأن في هذا النوع من النقاش سوف ينحدر بالكلام تدريجيا ليصل إلى مناحي الاستهانة وعدم الاحترام وتبادل الكلام المبتذل القبيح، وترامي الاتهامات الباطلة.
وفي حديث آخر عن أمير المؤمنين أيضا نقرأ وصيته (عليه السلام) إذ يقول:
" إياكم والمراء والخصومة فإنهما يمرضان القلوب على الإخوان، وينبت عليهما النفاق " (2).
إن مثل هذا النوع من الجدال والذي يكون عادة فاقدا للالتزام بالأصول الصحيحة للبحث والاستدلال، سيقوي روح اللجاجة والتعصب والعناد لدى الأشخاص، بحيث يستخدم كل طرف - بهدف التغلب على خصمه والانتصار لنفسه - كل الأساليب حتى تلك التي تنطوي على الكذب والتهمة، ومثل هذا العمل لا يمكن أن تكون عاقبته إلا السوء والحقد وتنمية جذور النفاق في الصدور.