الموجودات منه.
وبهذه المناسبة فإن " فطر " تطلق على " طلاع " التمر عندما يتفتق ويخرج منه التمر.
والمقصود بالسماوات والأرض هنا جميع السماوات والأرض وما فيها من كائنات وما بينها، لأن الخالقية تشملها جميعا.
ثم تشير الآية إلى وصف آخر من أفعاله تعالى فتقول: جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه (1).
وهذه لوحدها تعتبر إحدى الدلائل الكبيرة على تدبير الله وربوبيته وولايته، حيث خلق سبحانه وتعالى للناس أزواجا من أنفسهم، وهو يعتبر أساسا لراحة الروح وسكون النفس، ومن جانب آخر يعتبر الزواج أساسا لبقاء النسل واستمراره، وتكاثره.
وبالرغم من أن خطاب الآية موجه للإنسان، والمعنى منصب عليه من خلال " يذرؤكم " إلا أن هذا الأمر هو حكم سائد وسنة جارية في جميع الأنعام والموجودات الحية الأخرى التي تسري عليها التكاثر بالمثل.
وفي الواقع إن توجيه الخطاب للإنسان دونها يشير إلى مقامه الكريم، وأما أمر البقية فيتبين من خلال الإنسان كمثال.
الصفة الثالثة التي تذكرها الآية هو قوله تعالى: ليس كمثله شئ.
إن هذا الجزء من الآية يتضمن حقيقة أساسية في معرفة صفات الله الأخرى، وبدونها لا يمكن التوصل إلى أي صفة من صفات الله، لأن أكبر منزلق يواجه السائرين في طريق معرفة الله يتمثل في " التشبيه " حيث يشبهون الخالق جل وعلا بصفات مخلوقاته، وهو أمر يؤدي للسقوط في وادي الشرك!