فهؤلاء لهم مثل هذا التحليل حيال جميع القضايا التي تختص بما وراء الطبيعة، ولأجل التوضيح نقول لهم دائما: لا تنسوا أن حدود العلم هي عالم المادة، والأجهزة والوسائل المستخدمة في البحوث العلمية - كالمختبرات والتلسكوبات والميكروسكوبات وقاعات التشريح - كلها محدود بحدود هذا العالم، فهذه العلوم وأجهزتها لا تستطيع أن تتحدث أبدا عما هو موجود خارج حدود عالم المادة، لا بالنفي ولا بالإثبات، والدليل على ذلك واضح، لأن هذه الأجهزة والوسائل لها قدرة محدودة ومحيط خاص بها.
بل إن أجهزة كل واحد من العلوم الطبيعية لا يستطيع أن يكون فاعلا بالنسبة للعلم الآخر، فمثلا نحن لا نستطيع أن ننكر وجود ميكروب السل إذا لم نشاهده بواسطة التلسكوب العظيم المستخدم في النجوم، أو ننفي وجود كوكب البلوتون لأننا لم نشاهده بواسطة الميكروسكوب أو المجهر.
فالوسائل تتناسب مع نوع العلم دائما، أما الوسائل المستخدمة لمعرفة ما وراء الطبيعة، فهي ليست سوى الاستدلالات العقلية القوية التي تفتح لنا الآفاق نحو ذلك العالم الكبير.
فالذين يخرجون العلم عن محيطه وحدوده ليسوا علماء ولا فلاسفة، إنما يدعون ذلك، وفي نفس الوقت هم خاطئون وضالون.
المهم إننا نرى أشخاصا عظاما جاؤوا وذكروا لنا أمورا هي خارج حدود معرفة البشر، وهذا يؤكد ارتباطهم بما وراء عالم المادة. أما كيف يكون هذا الارتباط المجهول؟ فهذا مالم يتضح لنا، إنما المهم هو أننا نعلم بوجود مثل هذا الارتباط.
3 بعض الأحاديث بخصوص قضية الوحي:
هناك روايات عديدة وردت في المصادر الإسلامية بخصوص الوحي،