في غير هذا المكان إلى أن أمثال هذه التعابير في القرآن الكريم، والتي تشمل في خطابها الرسول الأكرم وسائر الأنبياء، إنما تشمل ما نستطيع تسميته ب " الذنوب النسبية " لأن من الأعمال ما هو عبادة وحسنة بالنسبة للناس العاديين، بينما هي ذنب للرسل والأنبياء لأن: (حسنات الأبرار سيئات المقربين).
فالغفلة - مثلا - لا تليق بمقامهم، ولو للحظة واحدة. وكذلك الحال بالنسبة لترك الأولى، إذ أن منزلتهم الرفيعة ومعرفتهم العالية تتوجب أن يحذروا هذه الأمور ويستغفروا منها متى ما صدرت عنهم.
وما ذهب إليه البعض من أن المقصود بالذنوب هي ذنوب المجتمع، أو ذنوب الآخرين التي ارتكبوها بشأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو أن الاستغفار تعبدي فهو بعيد.
الفقرة الأخيرة في الآية الكريمة تقول: وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار.
" العشي " فترة ما بعد الظهر إلى قبل غروب الشمس، أما " الإبكار " فهو ما بين الطلوعين.
ويمكن أن تطلق لفظتا (العشي والإبكار) على الوقت المعين بالعصر والصباح، حيث يكون الإنسان مهيأ للحمد وتسبيح خالقه تبارك وتعالى بسبب عدم شروعه بعد بعمله اليومي، أو أنه قد انتهى منه.
وقد اعتبر البعض أن هذا الحمد والتسبيح إشارة إلى صلاة الصبح والعصر، أو الصلوات اليومية الخمس، في حين أن ظاهر الآية ينطوي على مفهوم أوسع من ذلك الصلوات هي إحدى مصاديقها.
في كل الأحوال تعتبر التعليمات الثلاث الآنفة الذكر شاملة بناء الإنسان وإعداده للرقي في ظل اللطف والرعاية الإلهية، وهي إلى ذلك زاده في سيره للوصول نحو الأهداف الكبيرة.
فهناك أولا - وقبل كل شئ - التحمل والصبر على الشدائد