والإكبار إلى من أساء إليه.
وهنا ستزول الأحقاد والعداوات من الداخل وتترك مكانها للحب والمودة.
ومن الضروري أن نشير هنا إلى أن هذا الأمر لا يمثل قانونا دائما، وإنما هو صفة غالبة، لأن هناك أقلية تحاول أن تسئ الاستفادة من هذا الأسلوب، فما لم ينزل بها ما تستحق من عقاب فإنها لا تترك أعمالها الخاطئة.
ولكن في نفس الوقت الذي نستخدم العقوبة والشدة ضد هذه الأقلية، علينا أن لا نغفل عن أن القانون المتحكم بالأكثرية هو قانون: " ادفع السيئة بالحسنة ".
لذلك رأينا أن رسول الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) والقادة من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) كانوا يستفيدون دائما من هذا الأسلوب القرآني العظيم، ففي فتح مكة مثلا كان الأعداء - وحتى الأصدقاء - ينتظرون أن تسفك الدماء وتؤخذ الثارات من الكفار والمشركين والمنافقين الذين أذاقوا المؤمنين ألوان الأذى والعذاب في مكة وخارجها، من هنا رفع بعض قادة الفتح شعار " اليوم يوم الملحمة، اليوم تسبى الحرمة، اليوم أذل الله قريشا " لكن ما كان من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتنفيذا لأخلاقية " ادفع السيئة بالحسنة " إلا أن عفا عن الجميع وأطلق كلمته المشهورة: " اذهبوا فأنتم الطلقاء ". ثم أمر (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يستبدل الشعار الانتقامي بشعار آخر يفيض إحسانا وكرما هو: " اليوم يوم المرحمة، اليوم أعز الله قريشا " (1).
لقد أحدث هذا الموقف النبوي الكريم عاصفة في أرض مشركي مكة حتى أنه على حد وصف كتاب الله تعالى بدأوا: يدخلون في دين الله أفواجا (2).
لكن برغم ذلك، نرى أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) استثنى بعض الأشخاص من العفو العام هذا، كما نقله أصحاب السيرة، لأنهم كانوا خطرين ولم يستحقوا العفو النبوي الكريم الذي عبر فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن خلق الإسلام ومنطق النبيين حينما قال: