1 - إن المراد من الهداية الإلهية هي الهداية التشريعية التي تأتي عن طريق الوحي والكتب السماوية وإرسال الأنبياء والأوصياء، إضافة إلى إدراك العقل والشعور، أما انتهاج السبيل فهو في عهدة الإنسان في كافة مراحل حياته. وبالطبع فإن هذا التفسير يتطابق مع الكثير من الآيات القرآنية التي تتناول موضوع الهداية، ولكن هناك آيات كثيرة أخرى لا يمكن تطابقها مع هذا التفسير، لأن فيها نوعا من الصراحة فيما يخص (الهداية التكوينية) و (الإيصال إلى الهدف) كما ورد في الآية (56) من سورة القصص: إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء. في حين أننا نعرف أن الهداية التشريعية والتوجيه نحو الطريق الصحيح، هي الواجب الرئيسي للأنبياء.
2 - مجموعة أخرى من المفسرين فسروا الهداية والضلال اللذين لهما هنا طابع تكويني على أنهما الثواب والعقاب، والإرشاد إلى طريق الجنة والنار، وقالوا بأن البارئ عز وجل يهدي المؤمنين إلى طريق الجنة، ويضل عنها الكافرين.
إن هذا المعنى صحيح بالنسبة لعدة آيات فقط، ولكنه لا يتطابق مع آيات أخرى تتحدث عن الهداية والإضلال بصورة مطلقة.
3 - مجموعة ثالثة قالت: إن المراد من الهداية هو تهيئة الأسباب والمقدمات التي توصل إلى الغرض المطلوب، والمراد من الضلالة هو عدم توفير تلك الأسباب والمقدمات أو حجبها عنهم، والتي عبر عنها البعض ب (التوفيق) و (سلب التوفيق) لأن التوفيق يعني تهيئة المقدمات للوصول إلى الهدف، وسلب التوفيق يعني عدم تهيئة تلك المقدمات.
ووفقا لهذا فإن الهداية الإلهية لا تعني أن البارئ عز وجل يجبر الإنسان على الوصول إلى الهدف، وإنما يضع الوسائل المطلوبة للوصول تحت تصرفهم واختيارهم، وعلى سبيل المثال، وجود مرب جيد، بيئة سالمة للتربية، أصدقاء وجلساء صالحين، وأمثالها، كلها من المقدمات، ورغم وجود هذه الأمور فإنه