الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ١٥ - الصفحة ٢٧٥
النجاة لنبي كبير من أنبياء أولي العزم.
إن تأريخ حياة هذا الرجل الشجاع الذكي، يثبت ضرورة أن تكون خطوات أهل الدعوة والحق على غاية قصوى من الدقة والحذر، إذ يجب أحيانا التكتم على الإيمان وإخفاء القناعات الحقة، كما يجب في أحيان أخرى الجهر بدعوة الحق وإظهار الإيمان.
إن التقية ليست سوى إخفاء اعتقاد الإنسان والتكتم عليه في فترة معينة في سبيل الأهداف المقدسة.
وكما يعتبر التسلح بالسلاح المادي الظاهري من ضرورات المنعة وأسباب دحر العدو، كذلك فإن المنطق القوي والحجة البالغة هي سلاح ضروري قد يعادل في تأثيره السلاح المادي عدة مرات. لذا فإن العمل الذي قام به (مؤمن آل فرعون) بواسطة منطقه وقوة حجته وحكمة تصرفه لم يكن ليعادله أي سلاح آخر.
ثم إن قصة هذا الرجل المؤمن تظهر أن الله جل وعلا لا يترك عباده المؤمنين وحيدين، بل يحميهم بلطفه عن الأخطار.
وأخيرا فإن من الضروري أن نشير إلى حياة مؤمن آل فرعون انتهت كما في بعض الروايات إلى الاستشهاد، وأن ما يقوله القرآن من حفظ الله له ووقايته له يمكن تأويله بإنقاذه من براثن خططهم الشيطانية في إغوائه وجره إلى ساحة الضلال والشرك، وأن الله أنجاه من سوء المنقلب وانحراف العقيدة (1).
3 ثانيا: تفويض الأمور إلى الله فيما يخص التفويض إلى الله تبارك وتعالى يكفي أن نفتتح الحديث بقول

1 - جاء في كتاب (محاسن البرقي): عن الإمام الصادق (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى:
فوقاه الله سيئات ما مكروا قوله (عليه السلام): " أما لقد سطوا عليه وقتلوه ولكن أتدرون ما وقاه؟ وقاه أن يفتنوه في دينه " نور الثقلين، المجلد الرابع، ص 521.
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»
الفهرست