وفي الحقيقة، فإن هذا الأمر إشارة إلى الاستدلال المنطقي المعروف، وهو أنه إذا ادعى شخص النبوة، وجاء بالآيات البينات والمعاجز، وشمله النصر الإلهي، فلو كذب على الخالق فإن الحكمة الإلهية تقتضي سحب المعاجز منه وفضحه وعدم حمايته، كما ورد في الآيات (44) إلى (46) من سورة الحاقة: ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين.
وقد ذكر بعض المفسرين احتمالات أخرى في تفسير هذه الجملة، إلا أن ما قلناه أعلاه هو أفضل وأوضح التفاسير كما يظهر.
ونلاحظ أيضا أن إحدى التهم التي نسبها الكفار والمشركون إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هي أنه يعتبر أجر الرسالة في مودة أهل بيته وأنه يكذب على الخالق في هذا الأمر: (جاء ذلك وفقا للبحث في الآيات السابقة) إلا أن الآية أعلاه نفت هذه التهمة عنه (صلى الله عليه وآله وسلم).
ولكن بالرغم من هذا، فإن مفهوم الآية لا يختص بهذا المعنى، فأعداء الرسول كانوا يتهمونه بهذه التهمة في كل القرآن والوحي كما تقول الآيات القرآنية الأخرى، حيث نقرأ في الآية (38) من سورة يونس: أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله.
وورد نفس هذا المعنى باختلاف بسيط في الآيات (13) و (35) من سورة هود، وقسم آخر من الآيات القرآنية، حيث أن هذه الآيات دليل لما انتخبناه من تفسير للآية أعلاه.
ثم تقول الآية لتأكيد هذا الموضوع: ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته (1).