المصدرة ب " المص " في مضمونها كأنها جامعة بين مضامين الميمات وص [أي ما افتتح ب " ألم " و " ص "] وكذا سورة الرعد المصدرة ب " المر " في مضمونها كأنها جامعة بين مضامين الميمات والراءات ".
" ولعل المتدبر لو تدبر في مشتركات هذه الحروف، وقايس مضامين السور التي وقعت فيها بعضها إلى بعض، لتبين له الأمر أزيد من ذلك " (1).
وثمة تفسير آخر أشرنا إليه سابقا، وهو احتمال أن تكون هذه الحروف إشارات ورموزا لأسماء الخالق ونعمه وقضايا أخرى.
مثلا، في السورة التي نبحثها اعتبروا الحاء إشارة إلى الرحمن، والميم إلى المجيد، والعين إلى العليم، والسين إلى القدوس، والقاف إلى القاهر (2).
يعترض البعض على هذا الكلام بقولهم: لو كان المقصود من الحروف المقطعة أن لا يعلم بها الآخرون فإن ذلك غير صحيح، لأن هناك آيات أخرى تصرح بأسماء الله، ولكن يجب الانتباه إلى أن الرموز والإشارات لا تعني دائما أن يبقى الموضوع أو المعنى سريا، بل قد تكون أحيانا علامة للاختصار، وهذا الأمر كان موجودا سابقا، وهو مشهور في عصرنا الراهن، بحيث أن أسماء العديد من المؤسسات والمنظمات الكبيرة، تكون على شكل مجموعة مختصرة من الحروف المقطعة التي يرمز كل منها إلى جزء من الاسم الأصيل.
بعد الحروف المقطعة تتحدث الآية الكريمة عن الوحي، فتقول: كذلك يوحى إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم.
" كذلك " إشارة إلى محتوى السورة ومضامينها.
ومصدر الوحي واحد، وهو علم الله وقدرته، ومحتوى الوحي في الأصول والخطوط العريضة واحد أيضا بالنسبة لجميع الأنبياء والرسالات، بالرغم من أن