مستقيم وفي الآية (93) من سورة النحل: ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء. وأمثال هذه الآيات - الخاصة بالهداية أو الضلال أو أحدهما - ورد في آيات كثيرة من القرآن المجيد (1).
وأكثر من هذا، فقد جاء في بعض الآيات نفي قدرة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) على الهداية وتحديد القدرة على الهداية بالله سبحانه وتعالى، كما ورد في الآية (56) من سورة القصص: إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء.
وفي الآية (272) من سورة البقرة: ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء.
الدراسة السطحية لهذه الآيات وعدم إدراك معانيها العميقة أدى إلى زيغ البعض خلال تفسيرهم لها وانحرافهم عن طريق الهداية ووقوعهم في فخاخ المذهب الجبري، حتى أن بعض المفسرين المعروفين لم ينجوا من هذا الخطأ الكبير، حيث اعتبروا الضلالة والهداية وفي كل مراحلها أمرا جبريا، والأدهى من ذلك أنهم أنكروا أصل العدالة كي لا ينتقض رأيهم، لأن هناك تناقضا واضحا بين عقيدتهم وبين مسألة العدالة والحكمة الإلهية، فإذا كنا أساسا نقول بالجبر، فلا يبقى هناك داع للتكليف والمسؤولية وإرسال الرسل وإنزال الكتب السماوية.
أما المعتقدون بمذهب الاختيار وأن الإنسان مخير في هذه الدنيا - وأن العقل السليم لا يقبل مطلقا بأن الله سبحانه وتعالى يجبر مجموعة من الناس على سلوك سبيل الضلال ثم يعاقبهم على عملهم ذلك، أو أنه يهدي مجموعة أخرى إجباريا ثم يمنحها - من دون أي سبب - المكافأة والثواب، ويفضلها على الآخرين لأدائها عملا كانت قد أجبرت على القيام به - فهؤلاء انتخبوا لأنفسهم تفاسير أخرى لهذه الآيات، كان أهمها: