لا يجبر الإنسان على سلوك سبيل الهداية.
وثمة سؤال يبقى مطروحا، وهو: لماذا يشمل التوفيق مجموعة دون أخرى؟
المنحازون لهذا التفسير عليهم أن ينتبهوا إلى حكمة أفعال البارئ عز وجل ويعطوا دلائل لهذا الاختلاف، فمثلا يقولون: إن عمل الخير هو سبب التوفيق الإلهي، وتنفيذ الأعمال الشريرة تسلب التوفيق من الإنسان.
وعلى أية حال فإن هذا التفسير جيد ولكن الموضوع ما زال أعمق من هذا.
4 - إن أدق تفسير يتناسب مع كل آيات الهداية والضلال، ويفسرها جميعا بصورة جيدة من دون أن يتعارض أدنى تعارض مع المعنى الظاهري، وهو أن الهداية التشريعية التي تعني (إراءة الطريق) لها خاصية عامة وشاملة، ولا توجد فيها أي قيود وشروط، كما ورد في الآية (3) من سورة الدهر: إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا وفي الآية (51) من سورة آل عمران: وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ومن البديهي أن دعوة الأنبياء هي مظهر دعوة الله تعالى. لأن كل ما عند النبي هو من الله.
وبالنسبة إلى مجموعة من المنحرفين والمشركين ورد في الآية (23) من سورة النجم: ولقد جاءهم من ربهم الهدى.
أما الهداية التكوينية فتعني الإيصال إلى الغرض المطلوب، والأخذ بيد الإنسان في كل منعطفات الطريق، وحفظه وحمايته من كل الأخطار التي قد تواجهه في تلك المنعطفات حتى إيصاله إلى ساحل النجاة، وهي أي الهداية التكوينية - موضع بحث الكثير من آيات القرآن الأخرى التي لا يمكن تقييدها بأية شروط، فالهداية هذه تخص مجموعة ذكرت أوصافهم في القرآن، أما الضلال الذي هو النقطة المقابلة للهداية فإنه يخص مجموعة أخرى ذكرت أوصافهم أيضا في القرآن الكريم.
ورغم وجود بعض الآيات التي تتحدث عن الهداية والإضلال بصورة مطلقة،