وينبغي أن لا نتعجب هنا من كلمتي (الغدو) و (العشي) فنسأل: وهل في البرزخ ثمة صباح ومساء؟ لأن الصبح والليل موجودان حتى في يوم القيامة، كما نقرأ في قوله تعالى: ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا (1).
وهذا الأمر لا يتعارض مع دوام نعم الجنة واستمرارها، كما جاء في الآية (35) من سورة (الرعد) حيث قوله تعالى: أكلها دائم وظلها حيث يمكن أن تشمل الألطاف الإلهية أهل الجنة في خصوص هذين الوقتين، بينما تكون نعم الجنة دائمة باقية.
* * * 2 بحوث 3 أولا: مؤمن آل فرعون والدرس العظيم في مواجهة الطواغيت إن القليل من الناس يؤمنون بالأديان الإلهية والمذاهب السماوية في بداية الامر ويقومون بتحدي الجبابرة والطواغيت، وإذا توجست هذا القلة المخلصة خوفا من أعدائها، أو أنها شكت بأن كثرة دليل على حقانيتهم، فلن يكون بمقدور الأديان الإلهية أن تمتد وتنتشر في الدنيا.
إن الأساس الذي يتحكم في منطلق هذه البرامج الهادية والأطروحات الوضاءة، هو قول أمير المؤمنين علي (عليه السلام): " أيها الناس، لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة أهله " (2).
لقد كان مؤمن آل فرعون نموذجا لهذه المدرسة، وكان من الأوائل في هذا الطريق، وأثبت أن الإنسان المؤمن يستطيع بعزمه وإرادته القوية - النابعة من إيمانه بالله تعالى - التأثير حتى في إرادة الفراعنة الجبابرة، بل وأن يوفر سبل