واستدلاله قوي، وتعبيره بليغ منسجم وعميق، تعليماته جذرية، وأحكامه متناسقة متوافقة مع الاحتياجات الواقعية للبشر في أبعاد الحياة المختلفة.
ثم تذكر الآية صفة أخرى مهمة حول عظمة القرآن وحيويته، فيقول تعالى:
لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لأنه: تنزيل من حكيم حميد.
أفعال الله عز وجل لا تكون إلا وفق الحكمة وفي غاية الكمال. لذا فهو أهل للحمد دون غيره.
لقد ذكر المفسرون عدة احتمالات حول قوله تعالى: لا يأتيه الباطل...
إلا أن أشملها هو أن أي باطل لا يأتيه، من أي طريق كان، ومهما كان الأسلوب، وهذا يعني عدم وجود تناقض في مفاهيمه، ولا ينقض بشئ من العلوم، أو بحقائق الكتب السابقة، ولا يعارض كذلك بالاكتشافات العلمية المستقبلية.
لا يستطيع أحد أن يبطل حقائقه، ولا يمكن أن ينسخ في المستقبل.
لا يوجد أي تعارض في معارفه وقوانينه ووصاياه وأخباره،، ولا يكون ذلك في المستقبل أيضا.
لم تصل إليه يد التحريف بزيادة أو نقص في آية أو كلمة، ولن يطاله ذلك مستقبلا.
إن هذه الآية تعبير آخر لمضمون الآية (9) من سورة " الحجر " حيث قوله تعالى: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون (1).
ومن خلال ما قلناه نستنتج أن قوله تعالى: من بين يديه ومن خلفه كناية عن جميع الجوانب والجهات، بمعنى أنه لن يصيبه البطلان أو الفساد من جميع الأوجه والجوانب، وما ذهب إليه البعض من أن ذلك كناية للحال