هذا البرنامج الإيجابي البناء يحذر الظالمين من مغبة ظلم المؤمنين، حيث أنهم لا يسكتون على ذلك ويقفون بوجوههم. وهو أيضا يؤمل المظلومين بأن الآخرين سوف ينصرونكم عند استغاثتكم.
" ينتصرون " من كلمة " انتصار " وتعني طلب النصر، إلا أن البعض فسرها بمعنى " التناصر " والنتيجة واحدة للتوضيح الذي ذكرناه.
على أية حال، فأي مظلوم إذا لم يستطع أن يقف بوجه الظلم بمفرده، فعليه ألا يسكت، بل يستفيد من طاقات الآخرين والنهوض بوجه الظلم، ومسؤولية جميع المسلمين الاستجابة لاستغاثته وندائه.
ولكن بم أن التناصر يجب أن لا يخرج عن حد العدل وينتهي إلى الانتقام والحقد والتجاوز عن الحد، لذا فإن الآية التي بعدها اشترطت ذلك بالقول:
وجزاء سيئة سيئة مثلها.
يجب أن لا تتجاوزوا عن الحد بسبب أن أصدقاءكم هم الذين ظلموا فتنقلبوا إلى أشخاص ظالمين، وخاصة الافراط في الرد على الظلم في مجتمعات كالمجتمع العربي في بداية الإسلام، لذا يجب التمييز بين نصرة المظلوم والانتقام.
وعمل الظالم يجب أن يسمى ب (سيئة) إلا أن جزاءه وعقابه ليس (سيئة) وإذا وجدنا أن الآية عبرت عن ذلك بالسيئة فبسبب التقابل بالألفاظ واستخدام القرائن، أو أن الظالم يعتبرها (سيئة) لأنه يعاقب، أو يحتمل أن يكون استخدام لفظة (السيئة) لأن العقاب أليم ومؤذ، والألم والأذى بحد ذاته (سئ) بالرغم من أن قصاص الظالم ومعاقبته يعتبر عملا حسنا بحد ذاته.
وهذا يشبه العبارة الواردة في الآية (194) من سورة البقرة: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله.
على أية حاله، فإن هذه العبارة يمكن أن تكون مقدمة للعفو الوارد في الجملة التي بعدها، وكأنما تريد الآية القول: إن العقاب مهما كان فهو نوع من