ولكن: ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون.
والله تعالى يبتليهم لعلهم يعون حين لا تجدي بهم رحمته سبحانه، لكن طائفة غالبة منهم لم يستيقظوا حتى بالبلاء المذل ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون (1).
" التضرع " - كما أسلفنا - مشتقة من الضرع بمعنى الثدي، فالتضرع يعني الحلب، ثم استعملت بمعنى التسليم المخالط بالتواضع والخضوع.
وتعني هذه الآية أن المشركين لم يتخلوا عن غرورهم وعنادهم وتكبرهم، ولم يستسلموا للحق حتى وهم يواجهون أشد النكبات عصفا بهم.
وإذا ما فسر التضرع في الروايات بأنه رفع اليدين نحو السماء للدعاء، فهو أحد مصاديق هذا المعنى الواسع.
فالله تعالى يواصل هذه الرحمة والنعمة والعقوبات، والمشركون يواصلون طغيانهم وعنادهم حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون (2).
الواقع، أن نوعين من العقاب الإلهي: أولهما " عقاب الابتلاء "، وثانيهما " عقاب الإستيصال " والاقتلاع من الجذور، والهدف من العقاب الأول وضع الناس في صعوبات وآلام ليدركوا مدى ضعفهم وليتركوا مركب الغرور.
أما هدف العقاب الثاني الذي ينزل بالمعاندين المستكبرين فهو إزالتهم عن