ونقرأ أيضا في نهج البلاغة: " والزموا ما عقد عليه حبل الجماعة " (1).
وعلى هذا قد يتراءى للبعض تناقض بين هاتين المجموعتين من الآيات والأحاديث.
ومن جهة أخرى يمكن أن يتصور مخالفة الإسلام للديمقراطية التي تعتمد على آراء أكثر الناس، وهذا ما رفضه القرآن بشدة.
ولكن بالتدقيق في الآيات والأحاديث السابقة ومقارنة بعضها ببعض يتضح المفهوم الحقيقي، وهو أن الأكثرية لو كانت من المؤمنين الواعين الذين ينتهجون الحق ويرفضون الباطل، لاستحقوا الاحترام، وحظي رأيهم بالتقدير والقبول.
أما إذا كانوا فئة جاهلة أو واعية لكنها مستسلمة لرغباتها وشهواتها على علم منها، فلا طاعة لها ولا رأي. لأن اتباعها يؤدي إلى الضلالة والضياع، كما يقول القرآن المجيد.
وعلى هذا الأساس فلو أردنا تحقيق " ديمقراطية سليمة " لوجب السعي أولا لتوعية الناس وتكوين جماعة مؤمنة واعية، ثم الاستناد على رأي أكثريتهم كمعيار لسلامة الأهداف الاجتماعية، وإلا فإن ديمقراطية الأكثرية الضالة لا تنتج سوى ضلال المجتمع وجره إلى جهنم.
ومن الضروري التنبيه إلى اننا نعتقد أن رأي الأكثرية الواعية المؤمنة إنما يكون محترما ومقبولا فيما إذا لم يخالف الكتاب والسنة والأحكام الإلهية.
ولجوء الأمم والشعوب في هذا العصر إلى رأي الأكثرية مبعثه انعدام المعيار الموثوق به في قياس ما ينفع المصلحة العامة وما يضرها، فهذه المجتمعات لا تستنير بكتاب رباني ولا تلتزم رسالة نبي كريم، وليس لديها سوى الرجوع إلى