أنفسهم - بواعث هذا الدفاع، ومنطق الإسلام في هذا القسم من الجهاد فتقول:
الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق وذنبهم الوحيد أنهم موحدون: إلا أن يقولوا ربنا الله.
ومن البديهي أن توحيد الله موضع فخر للمرء وليس ذنبا يبيح للمشركين إخراج المسلمين من بيوتهم وإجبارهم على الهجرة من مكة إلى المدينة، وتعبير الآية جاء لطيفا - يجلي إدانة الخصم، فنحن على سبيل المثال نقول لناكر الجميل:
لقد أذنبنا عندما خدمناك، وهذه كناية عن جهل المخاطب الذي يجازي الخير شرا (1).
ثم تستعرض الآية واحدا من جوانب فلسفة تشريع الجهاد فتقول: ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا.
أي إن الله إن لم يدافع عن المؤمنين، ويدفع بعض الناس ببعضهم عن طريق الإذن بالجهاد، لهدمت أديرة وصوامع ومعابد اليهود والنصارى والمساجد التي يذكر فيها اسم الله كثيرا.
ولو تكاسل المؤمنون وغضوا الطرف عن فساد الطواغيت والمستكبرين ومنحوهم الطاعة، لما أبقى هؤلاء أثرا لمراكز عبادة الله، لأنهم سيجدون الساحة خالية من العوائق، فيعملون على تخريب المعابد، لأنها تبث الوعي في الناس، وتعبئ طاقتهم في مجابهة الظلم والكفر. وكل دعوة لعبادة الله وتوحيده مضادة للجبابرة الذين يريدون أن يعبدهم الناس تشبها منهم بالله تعالى، لهذا يهدمون أماكن توحيد الله وعبادته، وهذا من أهداف تشريع الجهاد والإذن بمقاتلة الأعداء.