فهذه الآيات المباركة كالآية السابقة تصرح بالمعاد الجسماني. وإلا فما هو وجه التشابه بين المعاد الروحي، ومراحل الجنين وإحياء الأرض الموات بنمو النباتات؟ ويؤكد ذلك ختام الآيات التي نحن بصددها إذ تقول: وإن الله يبعث من في القبور والقبر موضع جسم الإنسان وليس روحه.
وأساسا فان تعجب المشركين إنما هو من البعث الجسماني، فهم يقولون:
كيف يمكن للإنسان أن يعود للحياة ثانية بعد ما صار ترابا؟ وبقاء الروح لم يكن شيئا عجبا، لأنه كان موضع قبول ورضى الأقوام الجاهلية.
3 3 - ما هو " أرذل العمر "؟
" الأرذل " مشتقة من " رذل " أي المنحط وغير المرغوب فيه. ويقصد ب " أرذل العمر " تلك المرحلة من عمر الإنسان التي هي أكثر انحطاطا وغير مرغوب فيها لما يفقده فيها الإنسان من القوة والذاكرة، ولما يغلبه فيها من الضعف والانفعال، حتى تراه يغتاظ من أدنى شئ، ويرضى ويفرح لا يسر شئ، ويفقد سعة صدره وصبره، وربما قام بحركات طفولية. مع فارق بينه وبين الطفل وهو أن الناس لا يتوقعون منه ذلك، لأنه ليس طفلا، مضافا إلى أن الطفل يؤمل في أن يكبر وينضج جسديا ونفسيا وتزول عنه هذه الحركات الصبيانية، لهذا يتركوا أحرارا في ممارستها، وليس كذلك في الفرد المسن، أي أن الطفل ليس لديه شئ ليفقده، ولكن المسن يفقد رأس مال حياته بذلك. وعلى هذا فإن وضع الشيوخ المعمرين يثير الشفقة والأسى عند مقارنته بوضع الأطفال.
وجاء في بعض الأحاديث أن أرذل العمر هو الذي يبلغ مئة عام وأكثر (1) وقد تعني هذه العبارة نوع الأشخاص، وإلا فهناك من يبلغ هذه الحالة وسنهم أقل من