إن توحيد الأنبياء الاعتقادي في الواقع يقوم على أساس وحدة منبع الوحي، وهذا الكلام يشبه كلام الإمام علي (عليه السلام) في وصيته لولده الإمام المجتبى (عليه السلام) حيث يقول: " واعلم يا بني أنه لو كان لربك شريك لأتتك رسله، ولعرفت أفعاله وصفاته " (1).
" الأمة " - كما يقول الراغب في مفرداته - تعني كل جماعة تربطهم جهة مشتركة، الاشتراك في الدين، أو الزمن والعصر الواحد، أو المكان المعين، سواء كانت هذه الوحدة اختيارية أو بدون اختيار.
واعتبر بعض المفسرين الأمة الواحدة هنا بمعنى الدين الواحد، ولكن كما قلنا أن هذا التفسير لا يتناسب والأصل اللغوي للأمة.
وقال البعض الآخر: إن المراد من الأمة هنا كل البشر وفي جميع الأعصار، أي إنكم أيها البشر أمة واحدة، ربكم واحد، وهدفكم الأخير واحد.
إن هذا التفسير وإن كان أكثر انسجاما من التفسير السابق، ولكنه لا يبدو مناسبا بملاحظة ارتباط هذه الآية بالآيات السابقة، بل الأنسب منها جميعا أن تكون هذه الجملة إشارة إلى الأنبياء الذين مر ذكرهم في الآيات السابقة.
وأشارت الآية التالية إلى انحراف جماعة عظيمة من الناس عن أصل التوحيد، فقالت: وتقطعوا أمرهم بينهم فقد وصل بهم الأمر إلى أن يقف بعضهم ضد بعض، ويلعن بعضهم بعضا ويتبرأ منه، ولم يكتفوا بذلك، بل شهروا السلاح فيما بينهم، وسفكوا الدماء الكثيرة، وكانت هذه الأحداث نتيجة الانحراف عن أصل التوحيد ودين الله الحق.
جملة " تقطعوا " - من مادة قطع - بمعنى تفريق القطع المتصلة بموضوع واحد، وإذا لاحظنا أنها جاءت من باب (تفعل) الذي يأتي بمعنى القبول، فإن معنى