باسم الجن - الآية (12 و 13) من سورة سبأ - ومن الواضح أن هذين اللفظين لا منافاة بينهما، لأنا نعلم أن الشياطين من طائفة الجن.
وعلى كل حال، فقد ذكرنا أن الجن نوع من المخلوقات التي لها عقل وشعور واستعداد، وعليها تكليف، وهي محجوبة عن أنظارنا نحن البشر، ولذلك سميت بالجن، وهم - كما يستفاد من آيات سورة الجن - كالبشر منهم المؤمنون الصالحون، ومنهم الكافرون العصاة، ولا نمتلك أي دليل على نفي مثل هذه الموجودات، ولأن المخبر الصادق (القرآن) قد أخبر عنها فنحن نؤمن بها.
ويستفاد من أيات سورة سبأ وسورة ص - وكذلك من الآية محل البحث - جيدا أن هذه الجماعة من الجن التي سخرت لسليمان، كانوا أفرادا أذكياء نشيطين فنانين صناعا ماهرين في مجالات مختلفة، وجملة ويعملون عملا دون ذلك تبين إجمالا ما جاء تفصيله في سورة سبأ من أنهم كانوا يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات.
ويستفاد من جزء من الآيات المتعلقة بسليمان أن جماعة من الشياطين العصاة كانوا موجودين أيضا، وكان سليمان (عليه السلام) قد أوثقهم: وآخرين مقرنين في الأصفاد (1)، وربما كانت جملة وكنا لهم حافظين إشارة إلى هذا المعنى بأنا كنا نحفظ تلك المجموعة التي كانت تخدم سليمان من التمرد والعصيان. وستطالعون تفصيلا أكثر في هذا الباب في تفسير سورة سبأ وسورة ص إن شاء الله تعالى.
ونذكر مرة أخرى أن هناك أساطير كاذبة أو مشكوكا فيها كثيرة حول حياة سليمان وجنوده، يجب أن لا تمزج مع ما في متن القرآن، لئلا تكون حربة في يد المتصيدين في الماء العكر.