أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين.
وكلمة " الضر ". تطلق على كل سوء وأذى يصيب روح الإنسان أو جسمه، وكذلك لنقص عضو، وذهاب مال، وموت الأعزة وانهيار الشخصية وأمثال ذلك، وكما سنقول فيما بعد، فإن أيوب قد ابتلي بكثير من هذه المصائب.
إن أيوب - كسائر الأنبياء - يظهر أقصى حالات الأدب والخضوع أمام الله عند الدعاء لرفع هذه المشاكل المضنية المجهدة، ولا يعبر بتعبير تشم منه رائحة الشكوى، بل يقول فقط: إني ابتليت بهذه المصائب وأنت أرحم الراحمين، فهو حتى لا يقول: حل مشكلتي، لأنه يعلم أنه جليل عظيم، وهو يعرف حق العظمة.
وتقول الآية التالية: فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين ليعلم المسلمون أن المشاكل كلما زادت، وكلما زادت الابتلاءات، وكلما زاد الأعداء من ضغوطهم وضاعفوا قواهم، فإنها جميعا ترفع وتحل بنظرة ومنحة من لطف الله، فلا تجبر الخسارة وحسب، بل إن الله سبحانه يعطي الصابرين أكثر مما فقدوا جزاء لصبرهم وثباتهم، وهذا درس وعبرة لكل المسلمين، وخاصة المسلمين الذين كانوا تحت محاصرة العدو الشديدة، وتحت ضغط المشاكل عند نزول هذه الآيات.
* * * 2 بحوث 3 1 - لمحة من قصة أيوب في حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) أن رجلا سأله عن بلية أيوب لأي علة كانت؟ فأجابه بما ملخصه. إن هذا الابتلاء لم يكن لكفران نعمة، بل على العكس من ذلك، فإنه كان لشكر نعمة حسده عليها إبليس، فقال لربه: يا رب إن أيوب لم يؤد إليك شكر هذه النعمة إلا بما أعطيته من الدنيا، ولو حرمته دنياه ما أدى إليك