وغضبه على الكفار، ويطمئن المسلمين إلى المستقبل ويزيد من ثقتهم بأنفسهم، ويؤملهم في التأييدات الإلهية القادمة.
فالوثنيون المكيون - كما سبق أن قلنا في قصة معركة أحد - مع أنهم أحرزوا في تلك المعركة إنتصارا ملفتا للنظر، واستطاعوا أن يبددوا الجيش الإسلامي ولو ظاهرا، رأوا أن يعودوا إلى ساحة المعركة، ويأتوا على البقية الباقية من القوة الإسلامية، بل ولم يترددوا مطلقا في إغارة على المدينة المنورة، والقضاء على شخص النبي الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي كان قد بلغهم عدم صحة الخبر بمقتله في تلك المعركة.
إلا أن الله سبحانه قد ألقى في قلوبهم رعبا عجيبا، وخوفا بالغا صرفهم عن نيتهم تلك.
على أن هذا الخوف الذي لم يكن له ما يبرره أبدا سوى أنه من خواص الكفر والوثنية والاعتقاد بالخرافة قد شمل وجودهم كله حتى أنهم - كما نقرأ ذلك في الأحاديث - كانوا عند عودتهم من " أحد " واقترابهم من مكة أشبه ما يكونون بجيش منهزم مندحر، رغم ما قد حققوه من انتصار شبه ساحق.
وهذا هو ما تلخصه الآية إذ تقول: سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب أي أننا كما ألقينا الرعب في قلوب الكفار في أعقاب معركة " أحد " ورأيتم نموذجا منه بأم أعينكم، سنلقي مثله في قلوب الذين كفروا فيما بعد، ولهذا ينبغي أن تطمئنوا إلى المستقبل، ولا تأخذكم في الله لومة لائم، ولا تهزكم ولا تزعزعكم شماتة شامت ووسوسة موسوس.
والجدير بالذكر أن الآية تعلل نشأة هذا الرعب الواقع في قلوب الكفار كالتالي: بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا.
لقد كانوا قوما أهل خرافة، لا يتبعون دليلا، ولا يلتمسون برهانا، ولهذا كثيرا