أحداث معركة " أحد " إذ تقول: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم وهذه الحقيقة هي أن الإسلام ليس دين عبادة الشخصية حتى إذا قتل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ونال الشهادة في هذه المعركة - افتراضا - ينتهي كل شئ ويسقط واجب الجهاد والنضال عن كاهل المسلمين، بل إن هذا الواجب مستمر، وعليهم أن يواصلوه لأن الإسلام لا ينتهي بموت النبي أو استشهاده، وهو الدين الحق الذي أنزل ليبقى خالدا إلى الأبد.
إن عبادة الشخصية وتقديس الفرد من أخطر ما يصيب أية حركة جهادية ويهددها بالسقوط والانتهاء، فإن ارتباط الحركة أو الدين بشخص معين حتى لو كان ذلك هو النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) معناه توقف كل الفعاليات وكل تقدم بفقدانه وغيابه عن الساحة، وهذا النوع من الارتباط هو أحد علائم النقص في الرشد الاجتماعي.
إن تركيز النبي وإصراره على مكافحة تقديس الفرد وعبادة الشخصية آية أخرى من آيات صدقه، ودليلا آخر يدل على حقانيته، لأن قيامه ودعوته لو كان لنفسه وبهدف تحقيق مصالحه الشخصية للزم أن يعمق في الأذهان والقلوب هذه الفكرة، ويزيد من توجيه الأنظار إلى نفسه وأن جميع الأشياء في هذا الدين مرتبطة بشخصه بحيث إذا غاب عنهم ذهب وانتهى كل شئ، ولكن القادة الصادقين كالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يفعلون مثل هذا أبدا، ولا يشجعون على مثل هذه الأفكار، بل يكافحونها بقوة، ويقولون: إن أهدافنا أعلى من أشخاصنا وهي لا تنتهي بموتنا وبغيابنا، ولهذا يقول القرآن الكريم: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم؟ وهو بذلك يستنكر ما دار في خلد البعض أو قد يدور من أن كل شئ في هذا الدين ينتهي بغياب النبي - القائد - (صلى الله عليه وآله وسلم).