وكان ذلك مدعاة لافتخارهم.
قيل إن الصبيان القادرين على هذه الخدمة كانوا يقومون بها بإشراف الأبوين إلى سن البلوغ، ومن ثم كان الأمر يوكل إليهم، إن شاؤوا بقوا، وإن شاؤوا تركوا الخدمة.
ويرى البعض أن إقدام امرأة عمران على النذر دليل على أن عمران توفي أيام حمل زوجته، وإلا كان من البعيد أن تستقل الام بهذا النذر.
ش فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى.
هذه الآية تشرح حال أم مريم بعد ولادتها، فقد أزعجها أن تلد أنثى، وراحت تخاطب الله قائلة: إنها أنثى، وأنت تعلم أن الذكر ليس كالأنثى في تحقيق النذر، فالأنثى لا تستطيع أن تؤدي واجبها في الخدمة كما يفعل الذكر فالبنت بعد البلوغ لها عادة شهرية ولا يمكنها دخول المسجد، مضافا إلى أن قواها البدنية ضعيفة، وكذلك المسائل المربوطة بالحجاب والحمل وغير ذلك. وليس الذكر كالأنثى.
ويظهر من القرائن في الآية والأحاديث الواردة في التفاسير أن هذا القول ش وليس الذكر كالأنثى قول أم مريم، لا قول الله كما ذهب إلى ذلك بعض المفسرين. ولكن كان ينبغي أن تقول " وليست الأنثى كالذكر " باعتبارها قد ولدت أنثى لا ذكرا. لذلك يمكن أن يكون في الجملة تقديم وتأخير، كما نلاحظه في كلام العرب وغير العرب. ولعل ما انتابها من الكدر والحزن لوضعها أنثى جعلها تنطق بهذا الشكل، إذ كانت شديدة الاعتقاد بأن ما ستلده ذكر وأنها ستفي بنذرها في جعله خادما في بيت المقدس. وهذا الاعتقاد والتوقع جعلاها تقدم الذكر على الأنثى، على الرغم من أن أصول تركيب الجمل وجنس المولود يقتضيان تقديم الأنثى.