2 التفسير 3 الحب الحقيقي:
تقول الآية الأولى إن الحب ليس بالعلاقة القلبية فحسب، بل يجب أن تظهر آثاره في عمل الإنسان. إن من يدعي حب الله، فعليه أولا اتباع رسوله: إن كنتم تحبون الله فاتبعوني.
في الواقع أن من آثار الحب الطبيعية انجذاب المحب نحو المحبوب والاستجابة له. صحيح أن هناك حبا ضعيفا لا تتجاوز أشعته جدران القلب، إلا أن هذا من التفاهة بحيث لا يمكن اعتباره حبا. لا شك أن للحب الحقيقي آثارا عملية تربط المحب بالحبيب وتدفعه للسعي في تحقيق طلباته.
والدليل على ذلك واضح، فحب المرء شيئا لابد أن يكون بسبب عثوره على أحد الكمالات فيه. لا يمكن أن يحب الإنسان مخلوقا ليس فيه شئ من قوة الجذب، وعليه فإن حب الإنسان لله ناشئ من كونه منبع جميع الكمالات وأصلها. إن محبوبا هذا شأنه لابد أن تكون أوامره كاملة أيضا، فكيف يمكن لإنسان يعشق الكمال المطلق أن يعصي أوامر الحبيب وتعاليمه، فإن عصى فذلك دليل على أن حبه غير حقيقي.
هذه الآية لا تقتصر في ردها على مسيحيي نجران والذين ادعوا حب الله على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل هذا الرد أصيل وعام في منطق الإسلام موجه إلى جميع العصور والقرون. إن الذين لا يفتأون - ليل نهار - يتحدثون عن حبهم لله ولأئمة الإسلام وللمجاهدين في سبيل الله وللصالحين والأخيار، ولكنهم لا يشبهون أولئك في العمل، هم كاذبون.
أولئك الغارقون في الذنوب من قمة الرأس حتى أخمص القدم، ومع ذلك فهم يرون أن قلوبهم مليئة بحب الله ورسوله وأمير المؤمنين والأئمة العظام، أو الذين